في مراكز احتجاز غامضة.. أربعة إيرانيين يهود يواجهون مصيراً مجهولاً
في مراكز احتجاز غامضة.. أربعة إيرانيين يهود يواجهون مصيراً مجهولاً
بين شيراز وطهران، تتقاطع حياة أربعة رجال يهود في زنزانات سرية، حيث تتلاشى الحدود بين الاتهام والتهمة، وتذوب الحقوق في هوامش السياسة والأمن.
في الأيام التي أعقبت الحرب الإسرائيلية التي استمرت اثني عشر يومًا، كان نويد روون وشهاب يوسف، مواطنان يهوديان إيرانيان من شيراز، يظنان أن الحرب بعيدة عنهم، وأنها مجرد تطور إقليمي سيُنسى قريبًا، لكن لحظة اعتقالهما على يد عناصر تابعة لوزارة الاستخبارات الإيرانية كانت كفيلة بتحويل حياتهما إلى كابوس لا ملامح له، ولا نهاية واضحة.
وفقًا لتقارير موقع "هرانا" الحقوقي، اليوم الثلاثاء، فإن الرجلين اقتيدا إلى مركز احتجاز يُعرف باسم "بلاك 100"، وهو أحد المواقع الأمنية التابعة لوزارة الاستخبارات، وبينما لم تُعلن السلطات عن أي تهم رسمية بحقهما، تشير المعلومات المتاحة إلى أن وجود علم إسرائيل في منزلهما قد يكون السبب الوحيد وراء احتجازهما.
سبع سنوات كافية للإدانة؟
في طهران، قصة أخرى تنكشف بخيوط أشد تعقيدًا، كامران حكمتي، سبعيني يهودي يحمل الجنسية الأمريكية، عاد إلى إيران لزيارة أقاربه، ربما للمرة الأخيرة، لم يكن يدرك أن زيارته القديمة إلى إسرائيل قبل سبع سنوات ستكون سببا كافيًا لاعتقاله من جديد، واحتجازه في أحد مراكز وزارة الاستخبارات، فقط لأنه مرّ عبر حدود "العدو".
كامران، الذي وُصف سابقًا بلقب "يهودا"، لا يزال خلف القضبان، بلا محام، بلا تهمة، وبلا مستقبل معروف.
في القضية الرابعة، يبدو أن السلطات حتى الآن لم تسمح بخروج كامل للمعلومات، كل ما يُعرف عن الرجل المحتجز هو اسمه الأول، مايكل، لا عائلة معروفة، لا تفاصيل معلنة، فقط أنه في طهران، في قبضة الجهاز الأمني ذاته، على وشك الخضوع لجلسة استجواب أخيرة، قد تحدد مصيره.
ما وراء الأبواب المغلقة
موقع "هرانا"، نقلت صورة قاتمة عن الوضع القانوني للمعتقلين الأربعة، مؤكدة أن لا تهم واضحة، ولا إجراءات قانونية شفافة، وأن السلطات لم تكشف عن ملفاتهم أو تفاصيل التحقيقات.
وفي وقت سابق، كانت القناة الإسرائيلية 11 قد نشرت معلومات تشير إلى اعتقال ما لا يقل عن 35 مواطنًا يهوديًا في إيران، بعد الأحداث المرتبطة بالحرب الأخيرة، على خلفية ما وُصف بـ"الاشتباه في التجسس لصالح إسرائيل".
في شهادات أخرى خرجت من خلف القضبان، نشرت الناشطة الطلابية السابقة مطهره غونه أی، التي أُفرج عنها مؤخرًا، سلسلة قصص عبر "إنستغرام"، تحدثت فيها عن رفيقات في سجن إيفين، مثل "ليدا"، ووصفت ظروف الاحتجاز القاسية التي تطال الجميع دون تمييز، ولكنها تكون أشد قسوة على من يحملون هوية دينية مختلفة.
قمع الأقليات يتجدد
تزامنًا مع هذه الاعتقالات، كانت السلطات القضائية الإيرانية، عبر تصريحات لرئيسها غلام حسين محسني إيجه إي، تعلن عن اعتقال أكثر من ألفي شخص في مختلف المدن الإيرانية، بزعم التعاون مع "العدو"، وأشار إيجه إي إلى أن بعضهم قد يواجهون أحكامًا قاسية قد تصل إلى الإعدام.
ولكن خلف هذا الخطاب الأمني، يرى مراقبون ونشطاء حقوق الإنسان أن هذه الاعتقالات تعكس نمطًا منهجيًا من التضييق على الأقليات الدينية، خاصة اليهود والبهائيين، في فترات التوتر الإقليمي.
ويؤكد هؤلاء أن غياب التهم، وغياب المحاكمات العادلة، والتوسع في استخدام ذريعة "التجسس"، يكشف عن سياسة مدروسة لقمع الداخل تحت غطاء تهديد الخارج.
في منازل شيراز وطهران، تنتظر عائلات نويد وشهاب وكامران ومايكل أية إشارة حياة. ينتظرون مكالمة، أو رسالة، أو حتى إعلان تهمة، لكن في بلد تتشابك فيه السياسة بالأمن، وتُدار فيه الملفات عبر أبواب مغلقة، قد يطول الانتظار كثيرًا.